الذئب حيوان بري، عزيز النفس، لا يأكل إلا طازجاً فلا يقرب الجيف، ذكي إلى حد أن تفكيره قريب من تفكير الإنسان، وله صفات لا تتوافر في أي حيوان آخر، مضرب المثل في الشجاعة والدهاء، لا يرجع عادة من الطريق الذي جاء منه، يتحلى بخصلة التفاؤل، نظره ثاقب وحاسة شمه في غاية القوة ويعيش من 16 إلى 20 سنة.
حيوان كثير المكر، لا تنفد حيله ولا تنتهي، شديد الصبر، قادر على المراوغة، يمتاز بحاسة شم قوية إذا جرى وثب وثباً شديداً، وهو أصبر الحيوانات على الجوع، وأشدها عداوة للإنسان. هُناك أنواع كثيرة للذئاب وهي تنتمي إلى فصيلة الكلاب التي تضم بدورها 14 نوعاً، وهي من رتبة اللواحم وتنتمي جميع الذئاب – تقريبا – إلى نوع يسمى الذئب الرمادي، كما يوجد نوعان رئيسيان من الذئاب الرمادية هما ذئب الغابات وذئب التندرا، ويعيش الأول في الغابات القريبة من الدائرة القطبية الشمالية، أما ذئب التندرا – الذي يسمى أيضاً الذئب القطبي، أو الذئب الأبيض – فيقطن السهول الخالية من الأشجار، عند القطب الشمالي.
الذئب الأحمر ويعتقد بعض العلماء بوجود نوع مستقل من الذئاب يسمى الذئب الأحمر وقد عاش هذا النوع من الذئاب على امتداد جنوبي الولايات المتحدة، لكن مع نهاية الثمانينيات من القرن العشرين كان قد بقي من أعداده ما يقرب من 80 ذئباً وجميعها تقريباً في حدائق الحيوان.
وفي الماضي، كانت الذئاب منتشرة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ولكن عند حلول أعداد كبيرة من الناس في هذه المناطق – راحوا يفتكون بها – فاختفت، ويقتصر وجودها اليوم على المناطق البرية في كل من أميركا الشمالية وآسيا، وقليل من الغابات في أواسط أوروبا، وفي المناطق الجبلية في بعض الدول المطلة على البحر المتوسط، ومناطق التلال وشبه الصحراء في الشرق الأوسط. والذئاب صيادة خبيرة، تفترس الحيوانات الكبيرة من ذوات الحوافر مثل الرِّنة والأيل وغيرها من الحيوانات الأخرى مثل الأغنام والماعز ويخاف كثير من الناس الذئاب معتقدين أنها تهاجم الإنسان، والظباء والأرانب، كما أن عواء الذئاب المخيف يرعبهم، لكن الذئاب تتجنب الناس قدر استطاعتها. صفاته الذئب صاحب غارات وخصومات وغدر في بعض الأحيان، ويوصف بأنه يقتنص فرصته جيداً ويتحين الفرصة للافتراس والإغارة وهو شديد الحرص، ومن عادته أن يخرج إلى الافتراس عندما يحل الليل ويقطع مسافات طويلة من أجل غذائه، ويضرب به المثل في الخبث والغدر وسوء الطبع لأنه قد لا يتوانى عن الفتك بذئب آخر ولو من قطيعه والنيل منه إذا رآه جريحاً أو في حالة ضعف، وعندما تنعدم الفرائس فإن الذئاب تأكل الفاكهة والثمار وبعض النباتات البرية.
وأقدام الذئاب مناسبة جداً للتنقل فوق أنواعٍ مختلفة من الأراضي وخصوصاً فوق الثلوج كما أن لها شريطاً منسوجاً خفيفاً بين كل إصبع وأخرى من أصابع أقدامها ليساعدها على التنقل فوق الثلج بشكل أسهل نسبياً من طرائدها. ويؤكد علماء الحيوان أن الذئب ذو طباع متوحشة، حذر وخطر، يفترس الماشية والكلاب والناس، تلد أنثاه بعد 65 يوماً من الحمل، وتضع من 3 إلى 8 جراء، يستطيع الجري بسرعة ويقدر على العدو ساعات طويلة وهو قوي يمكن أن ينقض على فريسته ويفتك بها ويهاجم حيوانات عشرة أضعاف وزنه وتجري بسرعة ضعف سرعته، لهذا السبب تلجأ الذئاب إلى سياسة النفس الطويل.
مناطق النفوذ تعيش الذئاب في جماعات يقودها الأقوى وتكون له منطقة نفوذ على قطيع الذئاب، ويحدد الذئب الأقوى منطقة نفوذه بترك علامات على الأشجار والأحجار لكي يعلم غيره من الذئاب حدود المنطقة، وتكون منطقة النفوذ كبيرة المساحة في العادة ما بين 65 إلى 300 كيلو متر مربع للقطيع الواحد، هذه المساحة الكبيرة راجعة إلى أسلوب الصيد الذي تتبعه الذئاب التي تطارد فريستها فترة طويلة وقد تقطع الكثير من الكيلومترات عدواً خلف فريستها، وقد يحالفها الحظ أو تفشل في المطاردة.
يعتبر أسلوب حياة الذئاب معقدا للغاية فهي تحيا في مجموعات تساعدها في الصيد، ففي المناطق التي فيها الفرائس تزداد أعداد ذئاب القطيع إلى عشرين ذئباً، بينما المناطق التي فيها فرائس صغيرة الحجم نوعاً ما مثل الغزال نجد فيها عدداً قليلاً من الذئاب يصل إلى 7 ذئاب في القطيع الواحد غير أن أهم عامل يجعل عملية الصيد ناجحة هو الترتيب الطبقي داخل قطيع الذئاب، لأنه من الواجب أن يقود القطيع ذئب قوي ذو خبرة عالية، وهذا القائد دائماً يتزوج أنثى قوية ويكون مخلصاً لها طوال حياته، وأنثى الذئب عندما تكون حاملاً تعتكف في مسكنها وباقي إناث القطيع تحضر لها طعامها.
ولدى الذئب من الذكاء ما يجعله يعرف إن كان راعي الماشية يحمل سلاحاً أم لا، ويعرف إن كان الراعي ذكراً أو أنثى، وبناء عليه يقرر الهجوم من عدمه. وذكر الذئب في القرآن ثلاث مرات كلها في سورة يوسف وله قصه مشهورة حيث اتهمه إخوة سيدنا يوسف بأنه أكله وقتله وكان هذا باطلاً. عواء الذئاب ورائحة دم البشر تعتمد الذئاب على العواء لتعلن لباقي الجيران أنها تملك هذه المنطقة وسوف تدافع عنها ضد أي هجوم أو اقتحام يقوم به أي قطيع من الذئاب له منطقة نفوذ قريبة من منطقة نفوذها فالذئاب تعوي بشكل منظم كل ثماني أو عشر ساعات وتستطيع سماع هذا العواء على مسافة كبيرة جداً تصل إلى عشرة كيلومترات والذئب يشم رائحة دم البشر على بعد أميال بالصحراء، وإذا أصيب إنسان وخرج منه دم يصبح هدفاً له، والذئب لا يأكل الجيفة مهما كان جوعه ولا يصبح أليفاً كباقي الحيوانات المفترسة مثل النمور، وعندما يهجم على قطيع من الغنم أو غيرها من المواشي، يختار أفضل الموجود.